Happy Chinese New Year

مقدمة : د.ميرفت محرم .. وفن الكتابة المطمئنة


د.مرفت محرم .. وفن الكتابة المطمئنة
مقدمة بقلم الكاتب والناقد إبراهيم حمزة
- تعتمد هذه المجموعة المختلفة والممتعة للدكتورة مرفت محرم على صيغ أقرب للتراثية ، لغة وشكلا وموضوعات ، لكن الرابط بينها  جميعا أنها تكتب لتتمثل هذه الروح الآمنة المطمئنة ، تكتب للتطهر من الآلام والمتاعب والضيق والقهر ، أبطالها جميعا  على حد السكين  : بين الملائكية الخالصة  ، وبين الشيطانية المتملكة لطبيعة شخصيات مضادة .

 ـ نجد قصص هذه المجموعة تتكىء بشكل خاص على المعيش ، مشكلات البيوت والزواج والعمل ، والحب ، كما تنتبه لقضايا الحلال والحرام وهى منطقة لا تقترب منها الفنون الأدبية  ، بل يهرب منها المبدعون الذين يخشون اتهامهم بالمباشرة والبعد عن الفن، ولذلك تتخذ قصة " شهوة المال " لونا دينيا واضحا ، حين يقرر الابن وأمه حرق القصر الذى تركه الأب من تجارة المخدرات ، كما سنجد فى انحيازا هادئا راقيا للمرأة ، فى قصة " الزوج التائب " حيث لم تأتِ التوبة إلا بعد وفاة الزوجة ذاتها .

ـ  تتمتع الكاتبة الدكتورة  مرفت محرم برؤية وفهم خاص للقصة القصيرة ، إنه تلخيص لرواية ، كأنه سرد لقصة فيلم ، وهى رؤية تتحاشاها القصة الحديثة بلا شك ، ولكن الفن بشكل عام لا يرفض أى لون من ألوان الإبداع ، طالما ارتدى رداء الفن ، ولذلك تسعى الكاتبة فى عدد كبير من قصص المجموعة لاصطناع شكل يشبه المقامة :
(بين نعمة الإنجاب وبين نقمته؛ تكمن مشيئة الله وحكمته؛ فالمولود إما ودود وإما جحود؛ ولأن الواحد المعبود جل فى علاه؛ قدر للحاجة (سعدية) النجاة من تلك النقمة أو النعمة أياً ما كانت النتائج والأسباب؛ فقد حرمها بشكل تام من الإنجاب ....)
وهو شكل يتكرر فى عدد كبير من قصص المجموعة بحيث تتحول هذه الظاهرة إلى سمة أسلوبية واضحة ، فهل تحسب لها أم عليها ؟   

قبيل وفاة  نجيب محفوظ كان يقول " لا شىء يزعجنى الآن سوىالتقليد " ولذا كان يسعى لتجارب عجيبة متخالفة ، كشكل " رحلات ابن فطومة " أو "أصداء السيرة " والمعنى أن الشكل يعود للكاتب ، هو حقه واختياره ، وللقارىء حقه فى القبول أو الرفض ، وما يحسب للمبدعة نغمة الصدق الواضحة البالغة الصدق فى كتاباتها ، ومن هنا فاختيار الشكل أمر يعود للمبدع ذاته ، بصرف النظر عن قبولنا أو رفضنا كقراء .

ـ وجود قصص تفتقد للحبكة الفنية والتماسك التى تقارب ملخصات الأفلام ، أمر واقع لا ينكره القارىء للمجموعة ، لكن فى المقابل هناك قصص مكتملة الفنية ، تستخدم الكاتبة كافة ألعاب الصنعة الإبداعية ، وتستخدم الزمن بشكل مميز ، كما تسيطر على فكرتها ، وعلى لغتها ، يبدو كل ذلك لافتا فى قصة جيدة مثل " صراع " وهى قصة تشهد بقدرة كاتبتها على التعامل مع القماشة السردية بحكمة واقتدار .

ـ  الحدث المفاجىء يسيطر على عدد كبير من القصص ، وهو أمر يحتاج على صبر فى صياغة القصة ، فالمعقولية فى العمل الإبداعى أمر له تقديره ، قصة " قطار السعادة " قدمت نموذجا لعلاقة زوجية غير متكافئة بين زوجة ملائكية وزوج بهيمى ، ويكون الحل ان يعود الزوج ليجد زوجته قد فارقت روحها الجسد ، وصعدت إلى السماء ، والحق أن القصة بها  بعد دلالى ممتاز ، يقول : إن كان الزوج عاش يبحث عن الجسد ، فها هو أمامه ، جسد فان لا ينفع ، ولا يفيد إذا غادرته الروح ، ولكن الصنعة لها دورها الهام والمطلوب ، خاصة إن غلفت بأوراق سوليفان رقيقة اسمها الفن .

ـ " مفترق طرق " عمل بانورامى جذاب وممتع ، تتحول فيه الدكتورة مرفت محرم من ميدان إلى ميدان ، بعدما قدمت " ديوانين هما  (بهجة الروح) و(مصر التى) ثم كتاب (فى ظلال الحياة ـ مقالات مقامية) ثم كتاب فى الأدب الإسلامى بعنوان (قطرات من فيض الرسول) وهو ما يؤكد اختياراتها وانحيازاتها الساعية لزرع بذور جديدة نادرة لفن الطمأنينة .
                                               
إبراهيم حمزة
                                                                     5/8/2012م 
أنشأ هذا الموقع ويحرره الكاتب الأديب مجدى شلبى 0108784120